الرئيسية » الصحة النفسية » شخصية معادية للمجتمع

شخصية معادية للمجتمع

إن نمط السلوك المضطرب لدى صاحب الشخصية المعادية للمجتمع يستمر إلى ما بعد مرحلة البلوغ، إذ قد يُقدم المصابون بهذا الاضطراب على تنفيذ أعمال معينة بصورة مستمرة ومتكررة من شأنها أن تؤدي في نهاية الأمر في الكثير من الحالات إلى اعتقالهم والزج بهم في السجون.

فَهُم يميلون على سبيل المثال إلى سلوكيات تشمل: إلحاق الأضرار بالممتلكات وتدميرها، والمضايقة والإزعاج، والسرقة أو الانخراط في انشغالات أخرى غير قانونية، كما أنهم يتجاهلون رغبات ومشاعر وحقوق الآخرين، وهم يلجأون، كثيرًا إلى الخداع والمناورة من أجل الربح أو المتعة، مثل: الحصول على الأموال، والفوز بامتيازات ومكاسب جنسية، واكتساب القوة والبأس.

لا شيء يردعهم عن الكذب، أو انتحال الشخصية أو التنكر لمعايير وأعراف مقبولة حيث يمكنهم التصرف بصورة اندفاعية دون التخطيط المسبق لخطواتهم وما يمكن أن تؤول إليه من نتائج، ولا تهدف أفعالهم وممارساتهم سوى إلى الإشباع الفوري لاحتياجاتهم دون التفكير مسبقًا ودون أي اعتبار لعواقب أفعالهم، سواءً عليهم شخصيًا أو على الآخرين.

المزايا السلوكية المميزة لهذا الاضطراب تتعلق بالتغيرات المتلاحقة والمفاجئة في أماكن العمل، وأماكن السكن، وفي مجال العلاقات الشخصية.

تعود بدايات هذا الاضطراب عادةً إلى سن الطفولة، أو إلى المراحل المبكرة من سن المراهقة، ويستمر حتى سن البلوغ بل وبعده، وثمة طرق يمكن من خلالها تشخيص اضطراب الشخصية فقط من سن 18 عامًا وما فوق، بينما يتم تعريف الاضطرابات التي تظهر قبل هذا السن بأنها اضطرابات سلوكية لدى المراهقين.

يتميز سلوك هؤلاء المرضى بأنه عديم المسؤولية قطعيًا ودائمًا، ففي مجال العمل مثلًا يقضون فترات طويلة جدًا ومتواصلة بدون عمل إذ يرفضون العمل حتى لو كان بالإمكان الحصول عليه، أو يتركون عملهم قبل ترتيب وضمان عمل بديل وغالبًا ما يتغيبون عن عملهم دون سبب واضح.

إنهم يتورطون في الديون ويهملون شؤون أُسَرِهم وعند وضعهم في مواجهة أفعالهم وعواقبها على الآخرين فإنهم لا يبالون ولا يُبدون أي أسف أو ندم، بل أكثر من ذلك يلقون باللوم والمسؤولية على ضحاياهم او على أقربائهم فيتهمونهم بالغباء وقلة الحيلة، كما يقللون من خطورة أفعالهم ولا يُبدون أي استعداد لتعويض الضحايا.

ينتشر اضطراب الشخصية، إجمالا لدى أبناء الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الفقيرة بين الذين يعيشون في المدن الكبيرة، كما أنه أكثر شيوعًا بين الرجال منه بين النساء، وتشير التقديرات إلى أن نحو 3% من الرجال عامةً يصابون بهذا الاضطراب مقابل 1% من النساء.

من الواضح مما ذكر أعلاه أن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع يشكل تحديًا اجتماعيًا كبيرًا يتمثل في طريقة التعامل مع هذا المرض وفي توفير العلاج المناسب للمصابين به، فإن الطرق العلاجية المعتمدة اليوم لم تثبت حتى الآن فاعليتها، مما يشيع تشاؤمًا كبيرًا في نفوس المهنيين العاملين في هذا المجال. وتكمن المشكلة الرئيسة في انعدام الدافع للخضوع إلى علاج معين والمواظبة عليه.

أعراض شخصية معادية للمجتمع

قد تتضمن علامات اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع وأعراضه ما يأتي:

  • تجاهل الصواب والخطأ.
  • الإصرار على الكذب أو الخداع لاستغلال الآخرين.
  • أن تكون قاسيًا وساخرًا وغير محترم للآخرين.
  • استخدام السحر أو الذكاء للتلاعب بالآخرين لتحقيق مكاسب شخصية أو للمتعة الشخصية.
  • الشعور بالتفوق والرأي الشديد.
  • تكرار المشكلات مع القانون، بما في ذلك السلوك الإجرامي.
  • تكرار انتهاك حقوق الآخرين من خلال الترهيب والخداع.
  • الاندفاع أو الفشل في التخطيط للمستقبل.
  • العداء، والتهيج الشديد، والإثارة، والعدوان، والعنف.
  • عدم التعاطف مع الآخرين وقلة الندم على إيذاء الآخرين.
  • المخاطرة غير الضرورية، أو السلوك الخطير مع عدم مراعاة سلامة النفس أو الآخرين.
  • العلاقات السيئة أو المسيئة.
  • عدم مراعاة العواقب السلبية للسلوك أو التعلم منها.
  • عدم المسؤولية المستمرة وفشل بشكل متكرر في الوفاء بالتزامات العمل أو الالتزامات المالية.
  • عادةً يظهر البالغون المصابون باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أعراض اضطراب السلوك قبل سن 15 عامًا، حيث تشمل علامات اضطراب السلوك وأعراضه مشكلات سلوكية خطيرة ومستمرة، مثل:
    • العدوان على الناس والحيوانات.
    • تدمير الممتلكات.
    • الخداع.
    • السرقة.
    • انتهاك خطير للقواعد.

على الرغم من أن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع يعد مدى الحياة، إلا أن بعض الأعراض وخاصةً السلوك المدمر والإجرامي قد تقل بمرور الوقت عند بعض الأشخاص، لكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا الانخفاض ناتجًا عن الشيخوخة أو زيادة الوعي بعواقب السلوك المعادي للمجتمع.

أسباب وعوامل خطر شخصية معادية للمجتمع

في الآتي توضيح لأسباب وعوامل خطر الشخصية المعادية للمجتمع:

1. أسباب الشخصية المعادية للمجتمع

لا يوجد سبب واحد لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ولكن العوامل الآتية قد تزيد من خطر إصابة الشخص بالاضطراب:

  • اضطراب في الهرمونات

قد يكون لدى الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مستويات غير عادية من السيروتونين (Serotonin) الذي هو مادة كيميائية في الدماغ تنظم مزاجنا ومشاعر السعادة.

  • البيئة

الصدمة أو سوء المعاملة في مرحلة مبكرة من الطفولة يزيد من خطر الإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع في وقت لاحق من الحياة.

  • الوراثة

قد تكون هناك بعض العوامل الوراثية التي يمكن أن تهيئ بعض الأفراد للإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ومع ذلك لا يوجد عامل وراثي واحد يُعتقد أنه مسؤول عن هذه الحالة.

  • نمط الحياة

يعاني حوالي نصف الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أيضًا من مشاكل في تعاطي المخدرات أو الكحول.

2. عوامل خطر الإصابة بالشخصية المعادية للمجتمع

يبدو أن بعض العوامل تزيد من خطر الإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، مثل:

  • تشخيص اضطراب سلوك الطفولة.
  • التاريخ العائلي للإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، أو اضطرابات الشخصية الأخرى، أو اضطرابات الصحة العقلية.
  • التعرض لسوء المعاملة أو الإهمال أثناء الطفولة.
  • حياة عائلية غير مستقرة أو عنيفة أو فوضوية أثناء الطفولة.
  • الرجال أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع من النساء.

مضاعفات شخصية معادية للمجتمع

قد تشمل مضاعفات وعواقب ومشاكل اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع ما يأتي:

  • الإساءة للزوج أو الإساءة للأطفال أو الإهمال.
  • مشاكل مع الكحول أو تعاطي المخدرات.
  • التواجد في السجن.
  • سلوكيات انتحارية أو قاتلة.
  • الإصابة باضطرابات نفسية أخرى، مثل: الاكتئاب، أو القلق.
  • تدني الوضع الاجتماعي، والاقتصادي، والتشرد.
  • الموت المبكر عادةً نتيجة العنف.

تشخيص شخصية معادية للمجتمع

غالبًا تبدأ أعراض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع في أثناء الطفولة على الرغم من عدم تشخيص الحالة إلا في وقت لاحق من الحياة، حيث من الشائع عند الأطفال الذين يصابون بهذا الاضطراب أن يتعرضوا لانفجارات عنيفة من الغضب، ويظهرون القسوة تجاه الحيوانات، وأن يوصفهم أقرانهم بالمتنمرين.

في حين أن الحالة قد تبدأ في مرحلة الطفولة، إلا أنه لا يمكن تشخيصها رسميًا قبل سن 18 عامًا، ومن أجل تشخيص اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع يجب أن يظهر الشخص تجاهلًا وانتهاكًا لحقوق الآخرين قبل سن 15 عامًا، ويشار إلى هذا التجاهل من خلال إظهار واحد على الأقل من الأعراض السبعة:

  • الاستهانة بسلامة النفس والآخرين.
  • عدم الامتثال للقوانين.
  • سلوك مندفع.
  • التهيج والعدوان.
  • عدم الندم على الأفعال.
  • الكذب أو التلاعب بالآخرين من أجل الربح أو التسلية.
  • نمط اللامسؤولية.

بالإضافة إلى عرض واحد على الأقل من هذه الأعراض يجب أن يكون عمر الشخص 18 عامًا على الأقل وألا يظهر سلوكًا معاديًا للمجتمع نتيجة لحالة أخرى؛ مثل: الاضطراب ثنائي القطب إلى انفصام الشخصية.

علاج شخصية معادية للمجتمع

يصعب علاج اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع؛ حيث نادرًا ما يسعى الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى العلاج بمفردهم.

حيث أن الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع غالبًا يتعاملون مع نظام العدالة الجنائية، لكن الحبس وغيره من الإجراءات العقابية غير فعالة إلى حد كبير لأن الأشخاص المصابين بهذه الحالة لا يستجيبون للعقاب عادةً، وتشمل طرق العلاج ما يأتي:

1. العلاج النفسي

يمكن أن يكون العلاج السلوكي المعرفي مفيدًا في مساعدة الأفراد على اكتساب نظرة ثاقبة لسلوكياتهم وتغيير أنماط التفكير لديهم، حيث عادةً تحدث النتائج الفعالة فقط بعد العلاج طويل الأمد. 

2. العلاج الدوائي

يمكن استخدام الأدوية لعلاج بعض الأعراض التي قد يعاني منها الشخص المصاب بالمرض، وتشمل بعض الأدوية التي يمكن وصفها ما يأتي:

الوقاية من شخصية معادية للمجتمع

لا يوجد طريقة للوقاية من الإصابة بالمرض.

·  للاستفسار و الاستشارات .. تواصل معنا من خلال الموقع .. و لا نريد منك أي بيانات خاصة حتى لو كان الاسم مستعار.. فقط اعرض مشكلتك و علينا الاستجابة خلال وقت قصير .. الثقة و الأمانة مبدأنا في العلاج ..

د/ هاني الجبالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *