الرئيسية » الصحة النفسية » و تسقط الأقلام .. د/هاني الجبالي

و تسقط الأقلام .. د/هاني الجبالي

و تسقط الأقلام

كتبت عن الحب.. اتهموني بالخيانة .. كتبت عن النفس.. اتهموني بالجنون .. كتبت عن النجاح و الأمل.. اتهموني بالوهم .. كتبت عن الحياة.. اتهموني بالغباء كتبت عن وطني.. اتهموني بالنفاق .. كتبت عن السياسة.. أوقعوني في قذارتهم .. عن ماذا اكتب.. أأ كتب عن هلاوس الفساد و جنون الراقصات و تفاهة الفضائح و انتقالات لاعبي كرة القدم أم أكتب عن الشباب المترنح على الطرقات. أم أكتب عن وباء الأغاني الهابطة و الفن الساقط في مستنقع الجهل. أم أكتب عن رحلات و جولات الغوغاء من رجال الأعمال و الفنانين و الفنانات أم أكتب كلام مبتذل لا يليق حتى بالحيوانات.. أم أصبح مجرد إمعة تابع لكل شي و أي شي.. أم أكتب فضفضة عن أسرار البيوت و نشر كل ما يتعارض مع العادات و التقاليد.. أأكتب عن ماذا و لماذا

هنا يتوقف كل شي عندما تصبح الديمقراطية فرض الرأي بالقوة لمن يملك أكثر و فعل كل ما هو مباح بدون مراعاة للدين أو الأدب.. و تصبح النساء سلعة تباع في سوق النخاسين للرجال لكل من يدفع أكثر و تصبح عصمة الأمور في أيدي الجهلاء الفاسدين المالكين للمال و السلطة و يصبح الدين حجة لكل همجي يفتي وقتما يشاء فيحلل و يحرم ما يشاء.. و يصبح الأخ عدو اخيه و الأخت حاقدة على اختها و الصديق كالضبع منتظر لحظة سقوطك.. عندما تصبح العائلة بلا رابط و الصغير يتطاول على الكبير.. عندما يترك الرجل عصمة الأمور في ايدي زوجته… عندما تصبح كل امور التعليم في أيدي هواة لا يعلمون حتى طريقة تعلم القراءة و الكتابة.. عندما يصبح الكاتب ناقل للكتب و سارق للأفكار و مبدع في تنظيم الكلمات دون معنى و يصبح الطبيب تاجر و المعلم مقاول و المحامي سمسار و السياسي قواد و الصيدلي بقال و المهندس تابع.. عندما يختل نظام الحياة بفوضى صاخبة.. كيف إذن الكتابة في وطن أصبحت فيه الغلبة للذين يملكون الجهل المودرن مجرد شكليات و دعاية كاذبة.. عندما تصبح الثقافة مجرد اسم بدون وعي فوزارة الثقافة محتاجة ثقافة و يصبح التعليم مجرد شهادات دون إتقان أو فهم.. عندما يصبح الجاهل عالم و الغني أمير و القوى فتوة و الغبي ذكي بالمال ليس إلا .. عندما يصبح المقياس الوحيد للنجاح هو المال فقط و هو السلطة فقط و هو اخذ الحق بالقوة فقط.. هنا مع الجميع الحق في أن يتهموني بالخيال و الوهم و الغباء و النفاق.. هنا فقط تسقط جميع الأقلام

د/هاني الجبالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *