بقلم رافده نور الرحمن
إنتابني الملل..أخذت ألبوماً قديماً أغلب صوره باللون الأسود والأبيض ورحت أتصفح الصور..
جذبت أنتباهي صورة قديمة في سن السابعة بلباس المدرسة مع مجموعة من تلميذات الصف الثاني تتقدمهم المعلمة..أخذتها ووضعتها على المنضدة قرب السرير..تأملتها..أستفاقت تفاصيل جميلة..وتهاوت سلسلة طويلة من الذكريات على أرض قلبي..
أنها الحصة الأخيرة لهذا اليوم..طلت علينا المعلمة وشرحت لنا الدرس..وقد أفترشنا الطاولة بالدفاتر والكتب..وقبل أنتهاء الحصة..سألت الجميع سؤالاً غريباً..
من لديهم فحم في البيت..؟
رفعت صديقتي يدها ..وأجابت أنا..
قالت المعلمة : هل بأمكانك أن تحضري لي شيئاً منه..ردت نعم..بعدها طلبت المعلمة منا طلباً مثيراً ..من تذهب منكم بمرافقتها أخشى عليها أن تأتي لي بالفحم لوحدها .
ولأنني عاشقة للنجومية وجذب الأنتباه..وبدون أدنى تردد أجبت… أنا..
بعد أنتهاء الدوام طرنا أنا وصديقتي الى بيتهم أخذنا الفحم من البيت وذهبنا قاصدين بيت معلمتنا
كان بيتها قرب المدرسة..وقفنا عند الباب نترددأن نطرقه..لكنها شعرت بوصولنا جاءت مرتدية قميص البيت..أصابتنا الدهشة حين رأيناها.. أخفضت بصري وقلت بنبرة متقطعة وأبتسامة محرجة.. أحضرنا لك كيس الفحم معلمتي..كان حالنا مثير للشفقة..تناولته منا وبعدها قبلتنا وأعطتنا أزهاراً من حديقة منزلها..غمرتنا فرحة أشد من الربيع بأزهاره..عدنا الى البيت بخطى سريعة..وقبل وصولي الباب..فتحت عمتي الباب وسألتني لماذا تأخرت .. أين كنت..؟ أجبت عند عمتي الصغرى لأستريح من جهد المدرسة..نظرت لي وقد بان عليها مطر عاصفاً من العصبية.. إذا لم أقل الحقيقة سيهطل علي َّ العقاب وابلاً..قلت وأنا خائفة أعطني وعد بعدم معاقبتي وسأقول الحقيقة..قالت لي أعدك..تكلمت ولم أجرؤ على رفع عيني بعينها كانت هي بمثابة حارساٍ لطفولتنا..قبلت يديها لأمحو خطأً وأظهر أعتذاراً..كتمت غضبها وقالت لي أني أخشى عليك العودة والشارع شبه فارغ من المارة..لا تكرري مافعلتيه اليوم..دار كل هذا الحديث وأنا على عتبة الباب..كانت طفولتنا خجولة وملامحنا بريئة ويكسو الدفء وجوهنا لم نشتك يوماً ولم نتمرد..والعائلة برمتها تسعى لتربيتنا.. تحافظ على نشر الصدق والأخلاق والقيم وحسن التربية..كانوا لنا قوة حقيقية وساتراً نحتمي به من آلامنا..أما الآن تلوح التربية بنهاية محزنة إلا مارحم الله ربي…