عفريت النوم
من منا لم يصادفه هذا العفريت الذي يعبث بعقولنا هرجا و مرجا و يحتل أعيننا ليالي طويلة .. هذا العفريت الذي صنعناه بمخيلتنا و جعلنا له مكان فوق الجفون يمنعها من ممارسة لذة النوم .. عفريت يطير بلا أجنحة بلا حركة فهو ساكن بداخلنا يمرح بقلوبنا الضعيفة و عقولنا الهزيلة .. هذا العفريت قد يكون كامنا في الفكر و قد يستظل بشجرة في بستان الحب أو قد يرتدي قناع الألم في الحزن .. و قد يأتي لنا مرتدي ثوب الفرح أو ثوب الأحلام .. قد يأتينا كرجل عجوز جارت عليه الدنيا و قد يأتينا ك شاب يفتح ذراعيه لاحتضان الامال و الطموحات .. هذا العفريت يشغلنا ليل نهار لا يكل و لا يمل دائما يراوغنا و يراودنا. . في الغالب هذا عفريت صنعناه بفكرنا جعلنا معتقلين داخل أنفسنا .. أصبحنا نتلذذ بآثار الألم و العذاب الذي يتركه متسولا في أعيننا .. هذا العفريت انت من تختاره و انت من تستدعيه من مصباح أفكارك .. فقد يكون حارسا لك و قد يكون لعنة تطاردك بقية حياتك .. لا أحد يستطيع أن يصرفه أو يحرقه سواك انت .. فاحذر في كل مرة من تستدعيه من العفاريت .. هل هو عفريت الحب و السعادة أم عفريت الحزن و الإنكسار .. أم عفريت الفكر الشارد ليل نهار .. اختر دائما من ترافقه من العفاريت .. اختر لنفسك عفريت مطيع لك يقوم بتدليك فكرك يوميا ليجعلك تنام في أمان .. لا تترك مصباح فكرك يستدعي العفاريت بدون تمييز أو بدون وعي .. يجب ان تختاره بعناية لأنه سوف يصبح توأم روحك بعد ذلك فقد يكون عفريت السمو و الرقي و نقاء الروح .. و قد يكون تاجر للوجع يتاجر باوجاعك بأبخس ثمن .. اختر من الآن أي من العفاريت تريده أن يكون توأم روحك .. حذاري من مصباح الفكر فهو اما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار .. و حذاري من عفاريت القلق و التوتر و الحزن حذاري من أبناء عقلك و بنات أفكارك .. يجب ان تختار بعناية .. فالعفريت الذي تستدعيه سوف يكون هو هويتك الحقيقية .. هو مصدر سعادتك و بقاءك متزنا .. ابدأ من الآن و اختر لك عفريت للنوم
من كتاب .. لست وحدك أنا معك
د/ هاني الجبالي