هل بادر إلى ذهنك ذات يوم البحث عن الأسباب وراء التقلبات المزاجية الحادة الشديدة والسريعة التي قد يمر بها أحد معارفك، أو التي قد تمر بها أنت شخصياً؟ هل شككت يوماً ما أن هذه التقلبات المزاجية ما بين الحُزن والكآبة الشديدين إلى الفرح والهوس والجنون قد تكون أحد أعراض مرض مُزمن؟
لا نتحدث هُنا عن مرض عضوي، نتحدث عن مرض نفسي، يُدعى إضطراب ثُنائي القُطب
ما هو إضطراب ثُنائي القُطب؟
يُصاب مريض إضطراب ثُنائي القُطب -أو ما كان يُعرف بإسم الإكتئاب الهوسي- نتيجة لخلل في الحالة العقلية. مما يُسبب حالة من التغييرات المزاجية والنفسية الشديدة والتي يصعب التنبؤ بها. لا تشمل هذه الإضطرابات النفسية حالات الفرح أو الحزن التي قد يُصاب بهما أي شخص نتيجة لظروف ما، ولكننا نتحدث هُنا عن إضطرابات وتغيرات مزاجية غير مُبررة.
تُشبه هذه التغيرات المزاجية المرضية كما لو كان المريض يجري على قمة جبل، وفجأة يهبط إلى سَهل عميق، وفجأة يجد طريقه في الصعود إلى قمة الجبل مرة آخرى، وهكذا لا يجد المريض مكان مستوِ يستقر فيه أبداً. حيث يتذبذب المريض بين الشعور بحالات من الهوس الشديدة والإكتئاب العميق، فيشعر المريض بحالات من الفرح والهوس الجنوني الغير مُبرر كما لو كان يرقص على قمة جبل عالٍ. كما يشعر بحالات من الحزن والإكتئاب بلا أي سبب يُذكر كما لو كان يهبط في قاع سَهل. وقد تأتي على المريض حالة من إختلاط المشاعر بين الحزن والفرح، الإكتئاب والهوس.
عادة يُصاب المراهقين والأشخاص في مراحل البلوغ الأولى بإضطراب ثُنائي القطب، ويستهدف المرض النساء والرجال على حد سواء. وهو ليس بالاضطراب النادر . بالعكس توجد للأسف نسبة كبيرة من المُصابين بهذا الإضطراب، حيث أظهرت نتائج دراسة حديثة لعام 2005 أن الولايات المُتحدة الأمريكية تضُم وحدها 5 ملايين مُصاب بإضطراب ثُنائي القُطب.
أعراض إضطراب ثُنائي القُطب
إضطراب ثُنائي القُطب من الأمراض التي يصعب تشخيصها. حيث يُمكن أن تتباين أعراض إضطراب ثُنائي القُطب بين شخص وآخر، تبعاً للعُمر، والجنس، والحالة الذهنية والنفسية والإجتماعية، وأيضاً تبعاً للمُجتمع المُحيط بالمريض المُحتمل. ولكن إتفق الأطباء المُتخصصين على مجموعتين من الأعراض المُتشابهه والتي من المُمكن أن تُرجح كفة إصابة الشخص بإضطراب ثُنائي القُطب. تشمل المجموعة الأولى الأعراض التي تظهر على المريض المُحتمل في حالة الهوس، كما تضم المجموعة الثانية الأعراض التي تُصيب المريض المُحتمل في حالة الإكتئاب.
أعراض حالة الهوس:
- شعور المريض بحالة من الفرح العارم والغير مُبرر لفترة طويلة من الزمن، يشعر المريض كما لو كان يرقص على انغام موسيقى صاخبة على قمة جبل مُرتفع.
- يفقد المريض الحاجة إلى النوم.
- يشعر كما لو أن الدم يتدفق في خلاياه بشكل مُضاعف مُعطياً له القوة والطاقة.
- تتزاحم الأفكار في رأس المريض، فتجده يتحدث بسرعة عن أمور كثيرة.
- تجد المريض واثق في نفسه وإمكانياته ثقة زائدة غير مُبررة.
- تجد المريض لا يهدأ و يتشتت تركيزه بسهوله.
- يتمتع المريض بالشجاعة والإقدام على سلوكيات تُعتبر في نظر الشخص الغير مريض سلوكيات خطيرة، مثل ممارسة الجنس بإندفاع أو المُقامرة بكل ما يُملك المريض من أموال أو تعاطي المُخدرات. في هذه الحالة تشعر وكأن المريض يتصرف كما لو لا عقل له.
أعراض حالة الإكتئاب:
- شعور المريض بحالة من الحُزن والكآبة الشديدين بلا سبب ولفترة طويلة من الزمن، يشعر المريض كما لو كان يهبط في قاع سَهل عميق.
- يفقد المريض شغفه وإستمتاعه بأنشطة كان يجد مُتعة كبيرة في مُزاولتها من قبل.
- ينسحب المريض من المُناسبات الإجتماعية ومن أي تجمُع للعائلة والأصدقاء.
- يواجه مشاكل في الذاكرة والتركيز واتخاذ القرارات.
- الشعور بالتعب الشديد أو نقص الطاقة.
- تجد المريض إما مفتوح الشهية بشكل مُبالغ فيه، أو فاقد تماماً للشهية بشكل يُصيبه بالأمراض العُضوية.
- احساس غير مبرربالذنب وعدم الاحساس بقيمه الشخص.
- الاحساس باليأس وتمني الموت وقد يقوم المريض بالإقدام على الإنتحار.
الانتحار:
إذا كنت تعتقد أن شخصًا ما يواجه خطرًا مباشرًا لإيذاء نفسه أو إيذاء شخص آخر:
• اتصل برقم الطوارئ المحلي الخاص بك.
• ابق مع الشخص حتى وصول المساعدة.
• قم بإزالة أي ألات حادة أو سكاكين أو أدوية أو أشياء أخرى قد تسبب ضررًا.
• اسمع – لكن لا تحكم أو تناقش أو تهدد أو ترفع صوتك.
أنواع إضطراب ثُنائي القُطب:
1- إضطراب ثُنائي القُطب من النوع الأول
تظهر الأعراض المُصاحبة لحالة الهوس بشكل واضح في هذا النوع. حيث تُسيطر حالة الهوس على مزاج الشخص، وتصرفاته، وقرارته، وسلوكياته، وإنفعالاته، إلى أن يخرج المريض عن السيطرة تماماً. وتستمر هذه الحالة على الأقل لمدة إسبوع وقد يتنهي أمر المريض بالمُستشفى إذا لم يخضع لعلاج فوري.
2 – إضطراب ثُنائي القُطب من النوع الثاني
يُعتبر هذا النوع هو الأكثر شيوعاً من النوع الأول. حيث يُسيطر الإكتئاب والحُزن على حياه المريض بأكملها. وتصبح حالة المريض سيئة جداً إذا لم يُعالج على الفور. وحالات الهوس تكون اقل في حدتها و مدتها من النوع الاول.
هناك نوعان آخران من الاضطرابات التي هي أقل شيوعا من ثنائي القطبين الأول والثاني. يتضمن اضطراب المزاجية تقلبات مزاجية وتحولات مشابهة للثنائي القطبين الأول والثاني
لكن التغيرات غالباً ما تكون أقل حده في طبيعتها. يمكن للشخص الذي يعاني من اضطراب المزاج الذاتي أن يعمل بشكل طبيعي في الغالب دون علاج ، على الرغم من أنه قد يكون صعبًا. بمرور الوقت ، قد تتطور تقلبات مزاج الشخص لتشخيص ثنائي القطب الأول أو الثاني.
الاضطراب ثنائي القطب غير المحدد هو فئة عامة للشخص الذي لديه فقط بعض أعراض القطبين. هذه الأعراض ليست كافية لتشخيص واحد من الأنواع الثلاثة الأخرى.
تشخيص ثنائي القطب:
ما لم يكن لديك هوس شديد ، يمكن أن يكون من الصعب اكتشاف أعراض الاضطراب الثنائي القطب. الناس الذين لديهم هوس خفيف قد يشعرون بالنشاط أكثر من المعتاد، و يكونون أكثر ثقة ومليئين بالأفكار ، وكذلك يكتفون بقدر أقل من النوم. هذه أشياء لا يكاد أحد ان يشتكي منها.
من المرجح أن تطلب المساعدة إذا كنت مكتئبًا ، لكن طبيبك قد لا يلاحظ الجانب الهوسي عندئذٍ. تعلم كيف يتم تشخيص الاضطراب ثنائي القطب.
العلاج
بمجرد تشخيصك، سيحدد طبيبك برنامج علاج يناسبك. قد يشمل العلاج:
- أدوية
- العلاج السلوكي
- علاج تعاطي المخدرات
- العلاج بالصدمة الكهربائية
عادة يدير العلاج الخاص بك طبيب نفسي مرخص. قد يكون لديك أيضًا أخصائي اجتماعي أو أخصائي نفسي أو ممارس تمريض نفسي يشترك في رعايتك
تشخيص المرض هو أول وأهم خطوات العلاج، لذلك إذا كُنت من المُحيطين بشخص تظهر عليه الأعراض السابق ذكرها، فننصحك بعرضه على الفور على طبيب مُختص إذا كان يهمك أمره. حيث يصعب بل ويستحيل على مريض إضطراب ثُنائي القُطب أن يُدرك أنه مريض من الأساس، وإذا أدرك مرضه فإنه لا يُدرك مدى تأثير الإضطراب على حالته وعلى مُستقبله وعلى من حوله أيضاً. لذلك هو في حاجة بالغة لمُساعدتك.
يُقال أن مريض إضطراب ثُنائي القطب يضحك بدون أن يشعر بالفرح الحقيقي، ويبكي بدون وجود مُسبب حقيقي للحزن، لذلك رفقاً بهم إتصل بالطبيب المُختص للمساعدة