الأفيون فعال جدًا في تخفيف الأوجاع المزمنة والأوجاع الحادة، ولكن هذه المواد تحمل في ثناياها خطر الإدمان فعدد المدمنين على الهيروين الذي هو نوع من الأفيون مرتفع منذ سنوات التسعينيات وحسب التقديرات يتم تشخيص سنويًا قرابة 100 ألف شخص إضافي مدمنين على الأفيون.
بالإضافة لتخفيف الأوجاع يؤثر الأفيون على جهاز الأعصاب المركزي إذ يؤدي لانخفاض التناغم العاطفي والحسي فيها وللشعور بالنشوة حيث يعد المورفين نوع من الأفيون وله مشتقات كثيرة.
يتم تعريف الإدمان على الأفيون على أنه التعاطي المستمر للأفيون رغم الضرر الكبير الذي يلحقه بالإدراك المعرفي، والسلوكي، والحالة النفسية حيث يؤدي الاستعمال المتكرر إلى التعود على الأفيون وإلى ظواهر الفطام أو استخدام الأفيون غير المحدود.
كيف تعمل الأفيونات؟
الجهاز العصبي مسؤول عن المشاعر والعواطف بالإضافة لذلك فهو الجهاز المسؤول عن الإشراف على النشاطات الحركية الإرادية واللاإرادية في أجسامنا، يعمل الأفيون على مستقبلات تتواجد على سطح الأعصاب وتؤدي لتغييرات في الإشارات المنقولة بواسطة الأعصاب.
إلى جانب التأثيرات المرغوبة للأفيون والتي تشمل: الإحساس بالنشوة وإزالة مخاوف وتسكين الأوجاع، فهناك أيضًا تأثيرات غير مرغوبة، مثل: انخفاض معدل التنفس وحجمه، والإصابة بإمساك في جهاز الهضم، وتقلص بؤبؤ العين لحالة تسمى بؤبؤ دبوسي، واكتئاب، وانخفاض في الوعي بالإضافة لتغييرات طويلة الأمد في نشاط جهاز الأعصاب والتي تقود إلى ظاهرة الفطام.
الأفيون هو المادة الخام الأولية المستخرجة من نبتة الخشخاش وهناك مؤشرات تدل على استعمال هذه المادة منذ آلاف السنين، كما أنه مادة مكررة أكثر من الأفيون وقد بدأ استخدامهما في القرن التاسع عشر وكان استعماله واسعًا أثناء الحرب الأهلية في الولايات المتحدة.
الهيروين أيضًا أحد أنواع الأفيون حيث كانت هذه المادة واسعة الاستعمال في سنوات الستينيات، ولكن بعد ذلك قل استعمالها بسبب الوعي الكبير للخطر الذي تحمله.
في العقدين الأخيرين عاد استعمال الهيروين الواسع حيث يستمر تأثير الهيرويين لمدة ست ساعات منذ لحظة دخوله الى تيار الدم، وهناك عدة طرق لاستعمال الهيروين، مثل: الاستنشاق عن طريق الأنف، وحقن في الوريد وهنا يكمن الخطر الأكبر في تناول جرعة زائدة، وتدخين المادة.
أعراض الإدمان على الأفيون
قد يغير المدمنون على الأفيون سلوكهم، حيث تشمل العلامات المحتملة ما يأتي:
- الاختلاط مع مجموعات مختلفة من الناس أو تغيير الأصدقاء.
- قضاء الوقت بمفردك وتجنب الوقت مع العائلة والأصدقاء.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة.
- عدم الاستحمام، أو تغيير الملابس، أو تنظيف الأسنان.
- الشعور بالتعب والحزن الشديد.
- الأكل أكثر أو أقل من المعتاد.
- الإفراط في النشاط، والتحدث بسرعة، وقول أشياء لا معنى لها.
- العصبية أو غرابة الأطوار.
- تغير المزاج بسرعة.
- النوم في أوقات غريبة وغير معتادة.
- عدم الاهتمام بالمواعيد المهمة.
- اختراق القوانين.
- الذهاب إلى العمل أو المدرسة وفقًا لجدول زمني غير منتظم.
- المعاناة من ضائقة مالية.
أسباب وعوامل خطر الإدمان على الأفيون
تغير العقاقير الأفيونية دماغك عن طريق إنتاج الإندورفين الاصطناعي بالإضافة إلى منع الألم حيث أن الإندورفين يجعلك تشعر بالراحة حيث يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام المواد الأفيونية إلى اعتماد عقلك على الإندورفين الاصطناعي.
وبمجرد أن يقوم عقلك بذلك يمكنه التوقف عن إنتاج الإندورفين الخاص به فكلما طالت مدة استخدامك للمواد الأفيونية زاد احتمال حدوث ذلك حيث ستحتاج أيضًا إلى المزيد من المواد الأفيونية بمرور الوقت بسبب تحمل الأدوية.
يحدث تحمل الدواء عندما يعتاد جسمك بمرور الوقت على تأثيرات الدواء وعند حدوث ذلك قد تحتاج إلى تناول جرعة أعلى من الدواء للحصول على نفس التأثير، وعندما تتناول المواد الأفيونية بمرور الوقت فأنت بحاجة إلى جرعة أعلى للحصول على نفس تسكين الألم.
مضاعفات الإدمان على الأفيون
تأثيرات الإدمان على المدمن وعلى المجتمع عديدة ومتعددة من بينها:
- ارتفاع خطر الوفاة وسط المدمنين بحوالي 63 مرة مقارنة بأقرانهم الذين لا يتعاطون المخدرات، كما أن احتمال الموت أعلى بشكل كبير لدى المدمنين الذين لا يخضعون للرقابة والعلاج؛ فالعاملان الأساسيان المسببان للوفاة للمدمنين هما: تناول الجرعة الزائدة والإصابة الجسدية الرضحية (Traumatic).
- استعمال المخدرات غير الصافية وبتقنيات الحقن غير المعقمة يؤدي للإصابة بعدوى والعديد من الأمراض، حيث أن معدل العدوى بأمراض منقولة في الدم، مثل: التهاب الكبد ب، أو التهاب الكبد ج، أو مرض الإيدز يرتفع في أوساط المدمنين.
- نسبة حوادث الطرق وسط المدمنين أعلى بصورة جليّة مقارنة بالأشخاص الذين يمرون بحالة التعافي من الإدمان أو يستعملون بديل المخدر ميثادون (Methadone).
- اختراق المدمنون القانون في أعمال سرقة، أو سطو وما يشابه بهدف تمويل مصدر المخدرات مما يؤثر على راحة وأمان الأشخاص السليمين.
- تكلفة المدمنين للمجتمع مرتفعة جدًا وتقدر بعشرات الملايين سنويًا، وتشمل: الأعمال الإجرامية للمدمنين، وقلة إنتاجهم المهني، واعتلالهم الكبير الذي يحتم على جهاز الصحة معالجته والدعم الإجتماعي لهم.
- الاستعمال الطويل الأمد يُسبب إحساسًا بالألم الشديد من أي محفز بسيط، وهي حالة تسمى بفرط التألم (Hyperalgesia).
تشخيص الإدمان على الأفيون
يمكن لطبيبك أو أخصائي الصحة الطبية تشخيص اضطراب استخدام المواد الأفيونية وإدمان المواد الأفيونية حيث سيتضمن التشخيص تقييمًا طبيًا، وغالبًا ما يتضمن أيضًا اختبارًا لاضطرابات الصحة العقلية.
علاج الإدمان على الأفيون
هناك ثلاث إمكانيات مركزية من أجل علاج الإدمان على الأفيون، تشمل: الامتناع عن الأفيون، واستعمال مضادات لتأثير الأفيون، واستعمال الأفيون الآمن.
القرار بشأن استعمال وسائل العلاج الدوائي خلال فترة العلاج أو الامتناع الكلي عن المخدر يتعلق في المقام الأول برغبة المدمن، ومدة تعاطيه للمخدر، ومدى تعلقه بالمخدر، وعوامل بيئية، وعوامل اجتماعية، وعوامل نفسية تخص المدمن، في الآتي التوضيح:
1. الامتناع عن المخدر
تلائم هذه الطريقة بشكل عام المدمنين الذين قرروا الانفطام بإرادتهم الشخصية وليس نتيجة إجبارهم على ذلك من قبل القانون، بالإضافة لذلك المقصود هنا الأشخاص الذين استعملوا الدواء لفترة قصيرة نسبيًا وبوتيرة منخفضة.
2. استعمال مضادات دواء نالتركسون (Naltrexone)
تُحصر هذه المادة الموقع الذي يرتبط به الأفيون داخل الجسم وتساعد على جعل المخدر لا يُسبب المتعة للمدمن إذا واصل تعاطيه، يتناسب هذا العلاج مع الاستعمال طويل الأمد ولكن الأمر السلبي الأساس الكامن فيه هو أنه لا يمنع الأعراض الجسدية الصعبة المرافقة للفطام من المخدر.
3. استعمال بديل المخدر ميثادون (Methadone)
الميثادون هو أفيون يعمل لمدة يوم كامل وهو أفيون ضعيف لا يؤدي لظهور أعراض الأفيون كالنشوة، والاكتئاب، وتسكين الآلام، ولكن استعماله يمنع استعمال أفيون آخر كما يمنع الآثار الجانبية الصعبة عند التوقف عن تناول الأفيون.
يمكن استعماله لفترات زمنية طويلة إذ أن عددًا كبيرًا من المفطومين يستعملونه لسنوات طويلة، ومع استعمال الميثادون يستطيع المدمن العودة للتحكم بنهج حياة عادي، وتشمل الآثار الجانبية لاستعمال الميثادون: الإصابة بالإمساك، وانخفاض في الأداء الجنسي، وتعرق، ووذمة محيطية.
الوقاية من الإدمان على الأفيون
كثير من الناس قادرون على استخدام المواد الأفيونية بأمان دون أن يصبحوا مدمنين عليها، لكن احتمال إدمانهم مرتفع وهذا صحيح بشكل خاص إذا كنت تستخدمها للتخفيف الألم على المدى الطويل.
بشكل عام، من المرجح أن تتجنب الإدمان إذا كان بإمكانك استخدام العقاقير الأفيونية لمدة لا تزيد عن أسبوع، في الآتي أبرز طرق الوقاية من الإدمان:
- احفظ دائمًا المواد الأفيونية في مكان آمن.
- لا تترك زجاجات الوصفات الطبية في خزانة الأدوية.
- احفظ الدواء بعيدًا عن الآخرين وخاصةً الأطفال الصغار حيث يخلط الأطفال أحيانًا بين الأدوية والحلوى وينتهي بهم الأمر بابتلاعها، مما قد يؤدي إلى جرعة زائدة، كما يمكن لأفراد الأسرة والزائرين الآخرين أيضًا العثور على الأدوية الموصوفة في المنزل واستخدامها بشكل غير لائق.
- لا تشارك الوصفات الطبية الخاصة بك فأكثر من نصف الأشخاص الذين يسيئون استخدام المواد الأفيونية الموصوفة يحصلون عليها من صديق أو قريب وفقًا لإساءة استخدام العقاقير.
- لا تلقي المواد الأفيونية غير المستخدمة في سلة المهملات حيث يمكن أن يؤدي التخلص غير السليم من الأدوية الموصوفة إلى قيام أشخاص آخرين بالعثور عليها وتناولها.
· للاستفسار و الاستشارات .. تواصل معنا من خلال الموقع .. و لا نريد منك أي بيانات خاصة حتى لو كان الاسم مستعار.. فقط اعرض مشكلتك و علينا الاستجابة خلال وقت قصير .. الثقة و الأمانة مبدأنا في العلاج ..
د/ هاني الجبالي